- ادم ريحان كوركيسعضو شرف دائم
كراسي واساطير .
الخميس مايو 17, 2012 9:51 am
لقد قرات هذا المقال وقد اعجبني فنقلته لكم كما هو . ارجو ان ينال رضاكم .مع الود
كراسي وأساطير
احمد الجنديل
تاريخ النشر 15/05/2012 07:08 PM
بين الأسطورة والخرافة فارق كبير يرتكز على النفي والإثبات ، فالأسطورة نواتها واقع ، يتضخم ويترهل تارة ، ويتسيب ويأخذ مسارات عمودية وأفقية تارة أخرى ، ومع تراكم الزمن تكون النواة قد اختفت تاركة وراءها الكثير من القصص العجيبة والغريبة التي لا تمت إلى الواقع التي انطلقت منه ، بينما الخرافة تنزلق من رحم الخيال ، وتتبرعم في حاضنات لا وجود لها أصلاً ، وتترعرع وتنمو من دون أن تقترب من الواقع أو تلامس الحقيقة .
وكرسي الحكم ، بشحمه ولحمه ، نواة فرضتها الحياة وخلقها الواقع ، وبريقه الذي يخطف القلوب ويجذب العقول لا يحتاج إلى دليل ، وقوائمه التي يسعى المغامرون وقراصنة السياسة للتبرك في محرابها لا توجب الدليل .
قبل إطلاق إشارة البدء في سباق الوصول إلى كرسي الحكم ، يكون المتسابق حلو اللسان ، رقيق الإحساس ، رهيف المشاعر ، متواضعا إلى الحد الذي يخجل التواضع منه ، تفيض الرومانسية من بين ضفتـيْ لسانه ، وتسيل الشفافية جذلى من بين منخريه ، وتسقط دموعه عند مشاهدته اليتيم ، ويلطم خديّه عند مشاهدته الأرملة ، ويرعد ويبرق ويمطر عند سماعه نبأ سارق امتدت يده إلى جيب فقير لتسرق منه رغيف الخبز .
وعند الفوز بكرسي الحكم ، يكون الفائز بكأس العرش قد نسي الرومانسية ، وهربت الشفافية خائفة من جبروت السوط الذي تقلده ، وغادر التواضع إلى مغاور مجهولة ليحل مكانه الطغيان ، وامتدت يده إلى جيب الداني والقاصي لتسرق منه كلّ شيء ، وأصبحت صدور الجياع والمحرومين هدفا لسهامه كلّ صباح .
يشحن السياسي المغامر للجلوس على كرسي العرش ، كلّ خلاياه المتعددة الأقطاب قبل الوصول إلى العرش ، فهو المبدئي الأصيل ، والوطني الغيور ، والخادم للشعب ، والمشروع الدائم للتضحية والفداء ، وعندما يعتلي العرش ويطمئن إلى الجلوس عليه ، يبول على المبادئ التي كان ينادي بها ، ويبيع الوطن وملحقاته في أسواق الخردة الوطنية ، ويغرس سهامه في صدر الشعب الذي ضحك عليه ، ويُبقي لنفسه المشروع الدائم للتضحية والفداء ، من أجل سرقة أموال الشعب ، وتنمية رصيده الشخصي ، ويتحول إلى مارد يتوسل لديه فرعون بمنحه شيئا من طغيانه ، وتموت الأقطاب لديه باستثناء القطب السالب .
أكثر ما يخجلني تلك الشعارات التي ينادي بها دعاة الفضيلة ، والعازفون على أوتار المثل العليا ، والصاعدون إلى السماء بغير سلّم أو عمد ، هؤلاء الذين أقفلوا آذاننا بشعارات القيم الباهرة والعبارات العاهرة قبل أن يحلموا بالصعود إلى كرسي الحكم ، وبعد أن صعدوا عليه ، رفعوا شعارهم المدوّي : فلا خبر جاء ولا وحي نزل .
تعالوا أيها الفقراء الأغبياء ، وأصحاب الغفلة المعتقّة رؤوسهم في معاصر التخدير ، لنفرش تاريخنا ، رغم عدم ثقتنا بالكثير من صفحاته ، وليبدأ كلّ واحد باستخدام عدساته لالتقاط المشاهد ، وأعطوني حاكما لم يلبس ثوب العصفور الوديع ، ثمّ ينقلب بعد ركوبه العرش إلى طاووس معظم مكونات ذيله مستوردة من الخارج ، لنبحث عن حاكم لا يملك لسان العفة ، ويبيع أقواله على الشعب بالأقساط والتنقيط ، وعندما يأتيه كرسي الحكم ، يتلوث لسانه بالإسهال الحاد إلى الحد الذي نبقى عاجزين عن ملاحقة تصريحاته النارية وفرقعاته الخطابية ، خذوا التاريخ كلمة كلمة ، وسطرا سطرا ، وتعالوا نضع الحكام في أنبوبة اختبار ، كلّ حاكم يلعن من سبقه ، وعندما يغادر ، يترك واقعا أسوأ من سابقه ، وكلّ حاكم يبكي ويشتم ويبصق من أجل الشعب ، وعند رحيله لا يخلف غير سهام الفقر والمرض والجهل التي غرسها في صدور الشعب .
لا أعني حاكماً بعينه ، ولا زماناً بعينه ، ولكنها ظاهرة قبيحة تمددت على الجسد الذي ابتلاه الله بالزفت الأسود .
والكراسي ، عندما تتحول إلى أساطير ، تأخذ معها مَنْ يجلس عليها ، تنفخ فيه حدّ الامتلاء ، تحيل البومة إلى رخّ ، وتقلب العصفور إلى نسر ، وتحوّل الأرنب إلى سبع ، فإذا ما وصلت رحمة ربك ، وقلبت الكرسي على رأس الجالس عليه ، ترجع البومة إلى خفـّاش ، والعصفور إلى صرصار ، والأرنب إلى فأر .
أرأيتم ماذا تفعل الكراسي أيها السادة عندما تنقلب إلى أساطير !!!؟
إلى اللقاء
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كراسي وأساطير
احمد الجنديل
تاريخ النشر 15/05/2012 07:08 PM
بين الأسطورة والخرافة فارق كبير يرتكز على النفي والإثبات ، فالأسطورة نواتها واقع ، يتضخم ويترهل تارة ، ويتسيب ويأخذ مسارات عمودية وأفقية تارة أخرى ، ومع تراكم الزمن تكون النواة قد اختفت تاركة وراءها الكثير من القصص العجيبة والغريبة التي لا تمت إلى الواقع التي انطلقت منه ، بينما الخرافة تنزلق من رحم الخيال ، وتتبرعم في حاضنات لا وجود لها أصلاً ، وتترعرع وتنمو من دون أن تقترب من الواقع أو تلامس الحقيقة .
وكرسي الحكم ، بشحمه ولحمه ، نواة فرضتها الحياة وخلقها الواقع ، وبريقه الذي يخطف القلوب ويجذب العقول لا يحتاج إلى دليل ، وقوائمه التي يسعى المغامرون وقراصنة السياسة للتبرك في محرابها لا توجب الدليل .
قبل إطلاق إشارة البدء في سباق الوصول إلى كرسي الحكم ، يكون المتسابق حلو اللسان ، رقيق الإحساس ، رهيف المشاعر ، متواضعا إلى الحد الذي يخجل التواضع منه ، تفيض الرومانسية من بين ضفتـيْ لسانه ، وتسيل الشفافية جذلى من بين منخريه ، وتسقط دموعه عند مشاهدته اليتيم ، ويلطم خديّه عند مشاهدته الأرملة ، ويرعد ويبرق ويمطر عند سماعه نبأ سارق امتدت يده إلى جيب فقير لتسرق منه رغيف الخبز .
وعند الفوز بكرسي الحكم ، يكون الفائز بكأس العرش قد نسي الرومانسية ، وهربت الشفافية خائفة من جبروت السوط الذي تقلده ، وغادر التواضع إلى مغاور مجهولة ليحل مكانه الطغيان ، وامتدت يده إلى جيب الداني والقاصي لتسرق منه كلّ شيء ، وأصبحت صدور الجياع والمحرومين هدفا لسهامه كلّ صباح .
يشحن السياسي المغامر للجلوس على كرسي العرش ، كلّ خلاياه المتعددة الأقطاب قبل الوصول إلى العرش ، فهو المبدئي الأصيل ، والوطني الغيور ، والخادم للشعب ، والمشروع الدائم للتضحية والفداء ، وعندما يعتلي العرش ويطمئن إلى الجلوس عليه ، يبول على المبادئ التي كان ينادي بها ، ويبيع الوطن وملحقاته في أسواق الخردة الوطنية ، ويغرس سهامه في صدر الشعب الذي ضحك عليه ، ويُبقي لنفسه المشروع الدائم للتضحية والفداء ، من أجل سرقة أموال الشعب ، وتنمية رصيده الشخصي ، ويتحول إلى مارد يتوسل لديه فرعون بمنحه شيئا من طغيانه ، وتموت الأقطاب لديه باستثناء القطب السالب .
أكثر ما يخجلني تلك الشعارات التي ينادي بها دعاة الفضيلة ، والعازفون على أوتار المثل العليا ، والصاعدون إلى السماء بغير سلّم أو عمد ، هؤلاء الذين أقفلوا آذاننا بشعارات القيم الباهرة والعبارات العاهرة قبل أن يحلموا بالصعود إلى كرسي الحكم ، وبعد أن صعدوا عليه ، رفعوا شعارهم المدوّي : فلا خبر جاء ولا وحي نزل .
تعالوا أيها الفقراء الأغبياء ، وأصحاب الغفلة المعتقّة رؤوسهم في معاصر التخدير ، لنفرش تاريخنا ، رغم عدم ثقتنا بالكثير من صفحاته ، وليبدأ كلّ واحد باستخدام عدساته لالتقاط المشاهد ، وأعطوني حاكما لم يلبس ثوب العصفور الوديع ، ثمّ ينقلب بعد ركوبه العرش إلى طاووس معظم مكونات ذيله مستوردة من الخارج ، لنبحث عن حاكم لا يملك لسان العفة ، ويبيع أقواله على الشعب بالأقساط والتنقيط ، وعندما يأتيه كرسي الحكم ، يتلوث لسانه بالإسهال الحاد إلى الحد الذي نبقى عاجزين عن ملاحقة تصريحاته النارية وفرقعاته الخطابية ، خذوا التاريخ كلمة كلمة ، وسطرا سطرا ، وتعالوا نضع الحكام في أنبوبة اختبار ، كلّ حاكم يلعن من سبقه ، وعندما يغادر ، يترك واقعا أسوأ من سابقه ، وكلّ حاكم يبكي ويشتم ويبصق من أجل الشعب ، وعند رحيله لا يخلف غير سهام الفقر والمرض والجهل التي غرسها في صدور الشعب .
لا أعني حاكماً بعينه ، ولا زماناً بعينه ، ولكنها ظاهرة قبيحة تمددت على الجسد الذي ابتلاه الله بالزفت الأسود .
والكراسي ، عندما تتحول إلى أساطير ، تأخذ معها مَنْ يجلس عليها ، تنفخ فيه حدّ الامتلاء ، تحيل البومة إلى رخّ ، وتقلب العصفور إلى نسر ، وتحوّل الأرنب إلى سبع ، فإذا ما وصلت رحمة ربك ، وقلبت الكرسي على رأس الجالس عليه ، ترجع البومة إلى خفـّاش ، والعصفور إلى صرصار ، والأرنب إلى فأر .
أرأيتم ماذا تفعل الكراسي أيها السادة عندما تنقلب إلى أساطير !!!؟
إلى اللقاء
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- بولص شمعون الشماسمشرفة منتدى العائلة
رد: كراسي واساطير .
الخميس مايو 17, 2012 9:56 am
عاشت ايدك يا اخ ابو هابيل على الموضوع
الرائع وذو معاني وفقك الله ويسلم قلمك
- سامي ادم البجواياالمؤسس والمدير العام لموقع بجوايي كوم
رد: كراسي واساطير .
الخميس مايو 17, 2012 6:37 pm
ان اختياراتك ياخال تكون دوماً ذو معنى وقصد في غاية الأهمية
كما هو اختيارك الحالي
تسلم على الموضوع الهادف الى الحقيقة الموجودة في الواقع
تحياتي.
كما هو اختيارك الحالي
تسلم على الموضوع الهادف الى الحقيقة الموجودة في الواقع
تحياتي.
- ادم ريحان كوركيسعضو شرف دائم
رد: كراسي واساطير .
الجمعة مايو 18, 2012 6:23 am
شكراابو رافد على تعليقك
- ادم ريحان كوركيسعضو شرف دائم
رد: كراسي واساطير .
الجمعة مايو 18, 2012 6:24 am
شكرا عزيزي سامي على ردك المشجع دوما
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى