- زهير توما البجوايامشرف القسم الرياضي
تاريخ مدينه زاخو الحبيبه
السبت يوليو 30, 2011 12:18 pm
تاريخ مدينة زاخو
زاخو … امارة سنديا … مدينة الحضارة والتاريخ … الاشهر في التجارة .. والاجمل في السياحة
لعلها المدينة الوحيدة بين مثيلاتها من مدن العالم في كثافتها السكانية العالية والفائقة العدد ، ففي متسعات ارضها لاتجد حيزا لايواء المزيد من البشر ، وفي طرقاتها العامة لم يعد ثمة متسع لمزيد من الشاحنات والمركبات التي غطت باعدادها الكبيرة واشكالها وموديلاتها الوانها ارض المدينة ، وامتدادت محيطها الغربي المتجه شمالا نحو المنفذ الحدودي (ابراهيم الخليل) من خلال شارع حديث بممرين عريضين يتسع كل منهما لسير اكثر من اربع شاحنات دفعة واحدة في الذهاب والاياب .
البشر اولا .. المركبات ثانيا
على طاولة الحوار بين فريق عمل " الصوت الاخر" والسيد قيس صديق قائممقام قضاء زاخو ، كانت ثمة اسئلة كثيرة تتعلق بآفاق الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لابناء هذه المدينة المكتظة بسكانها حد الانفجار والمزدحمة الشوارع بسيل هائل من المركبات التي يمتلكها اهل البلد، او تلك الوافدة بطوابير من تركيا عبر المنفذ الحدودي الذي لايبعد اكثر من عشرة كم عن مركز المدينة. حيث كانت هذه المشكلة بحد ذاتها هي الابرز والاكبر التي تواجه المسوؤلين في ادارة القضاء على حد وصف السيد القائممقام الذي اضاف: ان شوارع المدينة وتصميمها القديم لم يعد يتسع لهذا الكم الهائل من المركبات التي لااكون مغاليا ان قلت ان العائلة الواحدة في البيت الواحد بمدينة زاخو باتت تملك اكثر من سيارة، فاذا اخذنا بنظر الاعتبار ان مدينة زاخو تضم 18900 عائلة، فعلينا ان نعرف حجم التضخم الكبير في اعداد المركبات الخصوصية لاهالي المدينة، ناهيك عن المركبات العمومية والمركبات الانتاجية والشاحنات وغيرها.
اضف الى ذلك حجم الزائرين يوميا الى زاخو لشؤون تتعلق بالعمل التجاري حيث ان المدينة تضم المئات من الشركات التجارية التي تمثل القطاعات النفطية وقطاعات الاستيراد والتصدير لمعظم البضائع والسلع التي تمرعبرالمنفذ الحدودي العراقي – التركي. وهذا يعني انها اصبحت مركزا تجاريا حيويا يتحرك يوميا بمئات الالوف من الشاحنات التي تجتاز بوابة زاخو للذهاب والاياب مع تواجد رجال الاعمال والصناعيين العراقيين والاتراك على ارض المدينة لعقد الصفقات التجارية بين الجانبين ، الى جانب مرور المركبات الحوضية بشكل يومي وهي محملة بالمشتقات النفطية تدخل الى زاخو ومنها تتجه الى محافظات العراق , او العائدة الى الاراضي التركية بعد تفريغ حمولتها
هذا المشهد اليومي المتكرر يحتاج الى حجم كبير من الخدمات الاساسية والى متسع من الشوارع الحديثة لامتصاص حجم تلك المركبات .
والمدينة كما يعرف الجميع ماتزال كما هي لم تعد بتصميمها الاساسي القديم وشوارعها المحدودة وتقاطعاتها الصغيرة لتستوعب حجم النقل اليومي للمركبات، وقد بذلنا كل الجهود الممكنة للانتشار والتوسع ، من خلال توسيع الشارع الرئيس في مدخل زاخو باتجاه مدرسة بهار وتبليط الشوارع الداخلية وبناء البوابة الرئيسة لمدخل المدينة من جهة دهوك-موصل ، وكذلك تنظيم وتوسيع منافذ الدخول الى زاخو والخروج منها وعددها ثمانية هي زاخو –تركيا، زاخو – فيشخابور – سوريا، و زاخو - دهوك – موصل، و زاخو –دركار-باطوفا –كاني –ماسي، زاخو –باطوفا- ناحية بامرني، زاخو – بيتاس –مانكيش، زاخو –شرانش- قصروك، زاخو- دوزده- ملان "قرى نهر الخابور، والقائمقامية كما يضيف السيد القائمقام: حققت وانجزت الكثير من الخدمات المتمثلة بتبليط الطرق وتوسيعها واستملاك محلتي ازادي وخابور لغرض التوسيعات الحاصلة في المدينة وانشاء اسواق تخصصية لجميع المهن في المدينة بغية حصر تواجدهم في مكان موحد ، وكذلك انشاء مجمع متكامل للدوائر الحكومية وتوسيع جسري السعدون وفاروق وانشاء جسر سيمالكا اما في مجال المشاريع الخدمية الاخرى فقد انجزنا خلال الخطة السنوية بناء 25 مدرسة في عموم القضاء ليصبح عدد المدارس 111 مدرسة موزعة على مدينة زاخو بواقع 36 مدرسة وناحية رزكاري بواقع 19 مدرسة وناحية دركار بواقع 7 مدارس وناحية باطوفة بواقع 19 مدرسة فيما تضم مدينة زاخو 11 متوسطة و3 اعداديات وروضتين للأطفال موزعة على احياء المدينة البالغ عددها 28 حيا تقوم على ادارتها 25 دائرة حكومية تتوزع على قطاعات التربية والصحة والزراعة والصناعة والنفط وغيرها من الدوائر الرئيسة في المدينة وقد شملت خطة الانماء للمدينة بناء مستشفى كبير في منطقة بيدار وبناء جسر يربط بيدار –اسكفتمارا وتوسيع شبكة الكهرباء واستبدال الجسور الحديدية باخرى كونكريتية وانشاء قاعة للاحتفالات والمناسبات وقاعة اخرى مغلقة للالعاب الرياضية وانشاء بناية خاصة بالمكتبة العامة ونصب بدالة جديدة والقيام بانشاء 200 دار سكنية لعوائل الشهداء الى جانب ترميم 46 مدرسة.
زاخو .. بلغة الارقام
يستعرض السيد قائممقام زاخو جملة من المشاريع واوجه النشاطات الخدمية والتربوية من خلال لغة الارقام حيث يقول: ان عدد سكان زاخو 131632 نسمة وعدد العوائل فيها 18900 عائلة، وان قضاء زاخو البالغ مساحته 1378 كم2 يضم الى جانب مركز القضاء ثلاث وحدات ادارية هي ناحية رزكاري وعدد نفوسها عشرة الاف و663 نسمة وناحية دركار وعدد نفوسها ثلاثة عشر الفا و138 نسمة فيما تبلغ نفوس ناحية باطوفة خمسة عشر الفا و903 نسمة، وبذلك فان مجموع نفوس القضاء 171 الفا و336 نسمة يتوزعون على 25150 عائلة في انحاء القضاء
اما القرى التابعة للقضاء فتبلغ بحدود 180 قرية تتوزع على مركز القضاء ونواحي رزكاري ودركار وباطوفة، فيما تبلغ مساحة الاراضي الزراعية في القضاء 500 الف و622 دونما منها 143 الفا و848 دونما صالحا للزراعة و66 الف دونما ملكيات خاصة و62 الفا و870 دونما خاصة بالاصلاح الزراعي و174 الفا و818 دونما مخصصة للرعي و10 الاف و968 دونما هي مساحة البساتين في عموم القضاء و22 الفا و478 دونماً اراض صخرية، اما المساحة الباقية فقد شيدت عليها المدن والقرى التابعة للقضاء.
ما في مجال الخدمات الصحية فان مدينة زاخو تحتوي على مستشفى واحد و 4 مراكز صحية فيما تتوزع النواحي 9 مراكز صحية اربعة منها في رزكاري وثلاثة في دركار ومركزين صحيين في باطوفا ويضم قضاء زاخو (5) مواقع اثرية ابرزها الجسر العباسي او ما يعرف بجسر (دلال) وقلعة الامارة (القشلة) في وسط مدينة زاخو وجسر كندك داخل مدينة زاخو ايضا وقلعة ارمشت على قمة الجبل الابيض وقلعة شاباني في ناحية باطوفا.
اما الاماكن المقدسة الاثرية فان قضاء زاخو زاخر بسبعة اماكن منها ابرزها مرقد ابراهيم الخليل في مركز ناحية رزكاري ومرقد (كولخان) شقيقة النبي نوح (ع) في قرية شينافا التابعة لناحية رزكاري ايضا ومرقد (زنبيل فروش) قرب ناحية باطوفا ومطرانية زاخو التي شيدت عام 1894 وكاتدرائية مار كوركيس المشيدة قبل 16 قرنا في محلة النصارى داخل مدينة زاخو القديمة وكنيسة بيدار التي تعد من اقدم الكنائس في المنطقة ودير كلداني في قرية بير سفني التابعة لناحية دركار.
وفيما عدا ذلك فان زاخو تضم بين دفتيها 22 دارا للعبادة و 20 مركزا ثقافيا ونقابيا واتحادا وجمعية مهنية وثقافية فيما تضم منطقتين سياحيتين هما شلال شرانش وكهف بهيري الى جانب الموقع الجميل الذي يقع عليه جسر دلال في شرق المدينة والذي يمارس الفتيان والشباب بالقرب منه هوايتهم المحببة اليهم وهي السباحة في نهر الخابور او القفز من مقرنصات الجسر او مقترباته الصخرية المرتفعة نوعا ما والتي يؤديها السباحون الماهرون بشكل جميل ورشيق يلفت الانظار.
وما دمنا بصدد الحديث بلغة الارقام، كما يشير السيد قائممقام قضاء زاخو: فان في زاخو 7 جسور مخصصة لعبور السابلة والمركبات، وتضم الكثير من الوسائل الحضرية الحديثة التي من شانها خدمة زوار المدينة او المقيمين فيها مثل الفنادق العصرية الحديثة وعددها في المدينة 23 فندقا فيما يبلغ عدد المطاعم السياحية في المدينة 28 مطعما و6 مقاه مخصصة للانترنت و10 مكاتب للحاسوب الى جانب المحال التجارية التي تحتوي على احدث البضائع والسلع المستوردة من الجانبين التركي والسوري ..
كما تضم ارض زاخو كما يشير السيد القائممقام ثروات معدنية كبيرة ابرزها مادة النفط، حيث اشار الى وجود 20 بئرا نفطية مكشوفة في قرية طاوكي الواقعة بحدود 8 كم شرقي زاخو، وكذلك تم اكتشاف الفحم الحجري بانواعه المختلفة في قرية بانك شرانش وزاخو كما يصفها المؤرخون القدامى او المحدثون، او كما يصفها من عاش فيها او زارها او حتى من مر سريعا عبر اراضيها، يقول انها مدينة مثالية في التاخي والمودة واحترام مشاعر الاخرين من اية قومية كان او طائفة، فمنذ اقدم العصور مرورا بعصرنا الراهن تعايشت الطوائف الدينية في كنف هذه المدينة الجبلية الجميلة تسودهم الاخوة وروح الالفة والتلاحم والمساواة الانسانية، حيث ضمت المدينة طوائف مختلفة منهم المسلمين والمسيحيين والارمن والأيزيديين، وابرز العشائر المعروفة فيها هي السندي والسليفاني والكلي والكوجر والبرواري والشرنخي والدوسكي والهسني وميران وموسى ره ش .
المياه والسياحة
من يطأ ارض زاخو، فانه قد وطأ ارض الجنة هكذا قال لي احد السياح ممن التقتهم بعثة (الصوت الاخر) خلال جولة حرة في اسواق المدينة، التي لايمكن وصفها سوى بانها بلد التكامل الاقتصادي كما هي بلد التكامل الديني والاجتماعي، فاسواقها مملوءة بكل ما لذ وطاب، وهي اوسع كثيرا من اسواق مثيلاتها من المدن في عموم المنطقة، كل شيء مفقود لديك تجده في حوانيت ومحال واسواق زاخو دون عناء ، كل شيء متوفر، وان لم يكن متوفرا في المحل الذي تقصده، فان صاحب المحل يكفل لك احضاره باسرع من لمح البصر، لاشيء مستحيل في هذه المدينة، لاشيء شحيح في اسواقها، لاشيء رديء في بضاعتها ، وليس هناك من منافسات تجارية سوى منافسة الابداع والتطور والابتكار نحو الاحسن والافضل والارخص، هذا هو شعار اهل المدينة (الاصليين) وكذلك جميع الوافدين اليها بقصد التجارة او العمل او الاقامة الدائمة ـ اذ ان المدينة تضم اعدادا هائلة من غير اهلها، وذلك كما يشير السيد القائممقام بسبب استتباب الوضع الامني في المدينة وانتعاش الوضع الاقتصادي الملحوظ فيها، حيث شهدت هجرة معاكسة من مدن عراقية كثيرة مثل بغداد والموصل وغيرها للعيش والاقامة والعمل في زاخو ، وقد حصلت الموافقات على انشاء العديد من المشاريع الكبيرة في المدينة لكي تتماشى مع ماهي عليه الان من التوسعات السكانية التي لم تشهدها المدينة طوال تاريخها.
ولعل من ابرز تلك المشاريع المؤمل انجازها خلال الاشهر المقبلة هو مشروع وحدة تصفية المياه الصالحة للشرب ويقع على نهر الخابور بالقرب من الجسر العباسي بكلفة 24 مليون دولار، وهذا المشروع سيكفل توفير مياه الشرب للمواطنين بشكل يسد حاجتهم، وبقيامه ستنتهي ظاهرة شحةالمياه الصالحة للشرب او فقدانها اذ من المؤمل ان يمد هذا المشروع احياء المدينة للسنوات العشرين المقبلة بما فيها من توسعات سكانية مستقبلية، وسنتناول بعد انجاز هذا المشروع الحيوي مسألة اخرى حيوية ايضا، هي العناية بالانهار، وعلى وجه الخصوص نهر الخابور للقيام بكريه وتهذيب ضفتيه وتهيئة مناطق سياحية على جانبيه ،وكذلك فان الخطة تشمل قيامنا بانشاء سد في زاخو لدعم السياحة في المنطقة وقد وقع الاختيار على انجاز هذا السد في منطقة لاتبعداكثر من 10 كم شرقي زاخو .
بقي ان نشير في نهاية الجزء الاول من استطلاعنا الى ان مدينة زاخو تشتهر بصناعات حرفية شعبية متعددة ابرزها حياكة الاقمشة الكردية (شل وشبك) وهي من اقدم المدن التي عرفت مثل هذه الصناعة ،وكذلك هنالك صناعات محلية محدودة تعتمد على المحاصيل الزراعية من الفاكهة التي تكثر في زاخو كالتفاح والخوخ والجوز واللوز والعنب والعسل وكذلك البطيخ والرقي .
كما برزت في المدينة معامل صغيرة لصناعة المنظفات والصوابين والشامبو والالمنيوم والبلاستك وغيرها من مستلزمات العصر الحديثة التي يفترض وجودها بكميات كبيرة لدى العائلة لسد حاجتها في الاستعمالات اليومية .
هل يمكنكم ان تتخيلوا زاخو للحظة واحدة، دون ان تتخيلوا الطوفان، وسفينة نوح (ع) وتلك القصص والحكايات التي اوردتها الكتب المقدسة، وتناقلتها الاجيال المتعاقبة عبر اكثر من سبعة آلاف سنة؟
هذا ما انتابني من شعور بالضبط وانا اجتاز مع بعثة (الصوت الآخر) بوابة زاخو باتجاه المدينة العتيقة التي عرفت واشتهرت باسم (كيستة) التي كانت احدى القلاع القائمة في العهد الآشوري بحدود (2800) سنة ق.م. بحساب الآثار التي تم الكشف عنها في موقع تل كيستة التي تعد الآن قلب مدينة قضاء زاخو الحالية لدى وصولنا الى القائمقامية لم يكن السيد قيس صديق قائمقام زاخو متواجداً في مكتبه، وعرفنا انه في مهمة رسمية في دهوك سيعود منها قبل انتصاف النهار، طلبت الى السيد نزار حامد احد موظفي القائمقامية ان يحقق لنا لقاءاً مع المؤرخ الاستاذ سعيد الحاج صديق الذي لا يمكن لأي صحفي زائر أو باحث يروم الكتابة عن زاخو الا وينهل من خزين المعرفة التاريخية الغنية التي يمتلكها هذا المؤرخ الفذ الذي كرس جل حياته في البحث عن تاريخ زاخو عبر كل العصور، وهو الآن بصدد طبع كتابه الكبير الذي يحوي كل الاسانيد والاقوال عن تاريخ زاخو، المدينة التي نهضت في موقع متميز اتاح لها ان تكون بوابة العالم القديم ما بين بلاد وادي الرافدين ومشرق الارض وما بين بلاد الاناضول ومغرب العالم الخارجي على اتساع رقعته الجغرافية.
تسمية زاخو في التاريخ القديم
يذكر المؤرخ عبد الرزاق الحسني بحسب مخطوطة المؤرخ سعيد الحاج صديق ان زاخو عرفت وفق مخطوطات الكتبة الاراميين باسم (بيت نوهدرا) وسماها العرب بانهذرا، فيما ورد في المرشد ان مدينة زاخو لا يعرف تأريخها بالضبط، ومن المحتمل ان اسم زاخو يعود الى اسم قوم ذكرهم الجغرافي الاغريقي (استرابون) باسم (سكيوس) فيما يفيد رأي آخر ان (زاخاريوس) القائد الاغريقي احد قادة حملة زينفون قد حط عصا الترحال اثناء التراجع في موضع بلدة زاخو حيث وضع نواة المدينة التي سميت باسمه ثم تطور بمرور الزمن الى الاسم الحالي زاخو ويشير كتاب المؤرخ سعيد الحاج صديق الى ان المكتشفات الاثارية في منطقة تل كيستة تؤكد حقيقة ان المدينة كانت قائمة وعامرة في العهد الآشوري، عام 2800 ق.م، وهو ما يؤكده جلادت بدرخان من ان مدينة زاخو كانت عامرة في عهد الجوديين (نسبة الى جبل جودي بحوض نهر الخابور الذي استوت عليه سفينة نوح.. كما ورد ذكره في القرآن الكريم (بسم الله الرحمن الرحيم- (واستوت على جودي وقيل بعداً للقوم الظالمين) هود 43 وهذا يؤكد ان تاريخ المدينة يعود الى ما قبل الآشوريين بكثير، وان المقتنيات الاثارية المكتشفة في موقعها تدل على ان مدينة زاخو قد مرت بحضارات مختلفة وعصور متباينة من التطور والازدهار لقد اختلف المؤرخون بشأن تسمية زاخو، من اين جاء اشتقاقها، ولمن نسبت، ولماذا اطلق عليها هذا الاسم من دون الاسماء الاخرى، يذكر (المائي) ان الكاتب الارامي ماريخونا ذكر زاخو في موضعين في مخطوطته داسنائي يقول ما ملخصه: (باكرده هان- باقردمان- باقردا) كانت قرية قريبة من زاخو وهي بلدة (ازياخو بن درياخو بن نوح) وكان ازياخو ملكاً في زاخو ثم خلفه ذريته في هذا المنصب، فيما يذهب المائي الى ان زاخو بما انها واقعة على الجهة السفلى من بلاد نوح (جبل الجودي) فيستدل من ذلك بان تكون (زاخو) قد جاءت من (زير- نوح) أي الواقع الى الجهة السفلى من بلاد نوح كما هو حال معظم القرى المتاخمة لهذا الجبل والمنسوبة الى نوح.
وهناك رأي يفيد بان زاخو تعني (الغلبة) كما يذكر انستاس الكرملي أو انها مشتقة من (زاخا- طاغ) كما يشير جمال بابان، ومهما تكن الاختلافات في اراء المؤرخين فأن اسم زاخو كان موجوداً منذ حضارات قديمة، ويؤكد المستكشف (كونراد بريوسر) اثناء قدومه الى زاخو فيقول: وجدنا انفسنا امام جزيرة زاخو الواقعة على ارض صخرية متشابهة لما رأيناه في السهل وهي (آزوخيس) القديمة كما يقول رأي ان زاخو جاء من اصل كلمة (زكامي) في اللغة اليونانية أو (زاكخوا) كما واطلق عليها اسم (زارناخو) في عهد (بيزا تسيوس) وهناك تأويلات حسب اشارة جمال بابان ان كلمة (زاخ) تعني القوة والعزم.
والاسم الاكثر واقعية حسب مخطوطة المؤرخ سعيد الحاج صديق هي كلمة (ازوخيز) وهي بالاصل كردية بحتة وتعني (ئاف وخيز) وتتكون من مقطعين (ئاف) يعني الماء و(خيز) يعني الرمل الموجود على الشواطئ ، ولا يزال يستعمل المصطلح نفسه من قبل الاهالي في المنطقة، وهناك احتمال ان يكون (ئاز وخيز) مجزوماً من (افو- خيز) وهو الاسم المثبت في الادبيات الاورابية، كما هناك اسم محلي يتم تداوله في جنوب زاخو هو (خوك) ويجري في تلك المنطقة جدولاً ينساب من (الكه لي) يسمى (زيي) وقد كانت تلك المنطقة مهمة من حيث مرور الطريق التجاري فيها شرق دجلة فمن المحتمل ان يكون اسم (زيي- خوك) تحول الى زاخو وهو الاكثر احتمالاً.
زاخو في سجلات المؤرخين
من المؤكد ان مدينة زاخو هي من المدن القديمة في العالم القديم، كما تشير الى ذلك سجلات المؤرخين واخبارهم تقع على مسافة 115كم شمالي الموصل يخترقها الخابور ويتفرع داخلا، ثم يعود ليتصل في نهايتها، يطل عليها جبل اجرد وهو المعروف بـ (الجبل الابيض) وتحيط بها بساتين كثيرة وكثيفة تحوي اشجاراً مثمرة من كل انواع الفاكهة اللذيذة، هواؤها جيد ولطيف وماؤها عذب، وهي بحكم موقعها الجغرافي اكتسبت اهمية تاريخية في مجال التجارة والاقتصاد وكذلك في المجالات العسكرية التي شهدتها المدينة طوال تاريخها القديم، لوقوعها على الطريق المؤدي الى بوتان وهكاريا وهي معمورة على مر العصور، وقد اشتهرت عند اليونانيين اكثر ما اشتهرت عند العرب، ثم فتحها في صدر الاسلام سنة 20هـ.
وهي قبل الفتح الاسلامي كانت عامرة في العهد الاشوري وفي العهد الميدي والروماني، وفي صدر الاسلام توسعت جنوباً الى محلة الحسينية الحالية وسميت (هسنية الخابور) وقد تعرضت لدمار شامل اثر الغزو عام 1041 ميلادية ثم اعيد بناؤها، واصبحت سنجقاً عام 1544، وبعد القضاء على الامارات الكردية عام 1843 خضعت للنفوذ العثماني.
وعند تشكيل الحكومة العراقية صدرت الارادة الملكية بجعلها قضاءاً من اقضية الموصل وقد قام الملك فيصل الاول بعد تتويجه ملكاً على العراق بزيارتها عام 1923 وكذلك فعل الملك غازي، ومن بعدهما زارها الكثير من الرؤوساء الذين تعاقبوا على الحكم في العراق.
من الناحية الطبوغرافية، فأن منطقة زاخو تقع في منطقة متميزة بملامح وتضاريس نموذجية من حيث التنوع فيها، فهي تضم على ارضها الجبال الشاهقة والكهوف والوديان والهضاب لذلك تعتبر منطقة رعودية مما ساعدها على احتواء قطعان الماشية بكميات كبيرة، وتضم ايضاً مناطق سهلية مثل سهل السندي الضيق والسليفاني الواسع، ولكون منطقة زاخو تقع ضمن الخط المطري فأن الانتاج الزراعي فيها وفير.
اما من الناحية التجارية كما يشير الى ذلك المؤرخ (سعيد الحاج صديق) فقد كانت لسكان زاخو السيطرة التامة على الطريق التجاري الرئيسي طريق شرق دجلة، الطريق الذي يعرف باسم (طريق الملوك) وكذلك فأن الجيوش المختلفة كانت قد سلكت طرقاتها بالاتجاهات نحو الجزيرة العربية أو نحو بلاد الاناضول، مما حدا بحاكميها القدامى الى انشاء اكثر من عشر قلاع حصينة في قمم جبالها لحماية طرقاتها التجارية والعسكرية المهمة.
جبل الجودي وسفينة نوح
سفينة نوح تعد من اشهر سفن العالم، روى المكتشفون قصصاً كثيرة تثبت رؤيتهم لبقاياها كما يشير الى ذلك امين عيسى شمعون، مما شجع المكتشفين في القرن العشرين لتنظيم اربع بعثات استكشافية للبحث عنها اعتماداً على تلك الروايات والقصص والتي تقول احداها ان متسلقي الجبال الجليدية تمكنوا من الوصول الى البحيرة التي كان قسم من جليدها ذائباً فوجدوا بقايا سفينة كبيرة يبلغ طولها 400 قدم وبالية جداً لدرجة ان خشبها كان متجمداً يشبه الفحم وهذا الوصف تطابق مع رواية أحد اليابائيين قبل اكثر من الفي سنة ذكر فيها ان اهل عصره كانوا يتسلقون الجبل للحصول على خشب مطلي بالزفت من سفينة ما.
وتقول رواية ثالثة ان الحكومة التركية ارسلت بعثة الى الجبال لتحري سقوط كتل جليدية، وقد وجدت البعثة مقدمة خشبية لسفينة قديمة بارزة من بين الجليد، وقد وجد المكتشفون الذين ارسلوا الى تلك البقعة السفينة بحالة لابأس بها ولو انها كانت محطمة جزئياً فدخلوا ثلاث غرف منها الا انها لم يستطيعوا كشف القسم الباقي فيها لوجوده تحت الجليد، واستمرت القصص والروايات تترى حول السفينة وحطامها ففي عام 1893 اطلع احد الاطباء خلال تتبعه لنهر الفرات على بقايا سفينة، وكتب ان مقدمة السفينة ومؤخرتها كانتا ظاهرتين بوضوح، بينما كان وسطها مدفوناً بالثلج وخشبها من النوع السميك جداً، كما وجد مسامير طول الواحد منها قدماً تظهر من جدران السفينة الحمراء القاتمة.
وقد ورد في الاخبار الطوال لأبي حنيفة الدنيوي كما تشير مخطوطة (الحاج صديق) ما نصه: (وكان جنوح سفينة نوح (ع) واستقرارها على رأس الجودي- جبل بقردي وبازبدي. ولقد خرج الرشيد سنة 174هـ الى تلك المنطقة وبنى قصراً عامراً بباقردي، ويشير صاحب معجم البلدان الى ان باقردي قرية قريبة مقابل الجزيرة سميت الكورة باسمها وتتبعها نحو مائتي قرية منها هشتيان. وقد صعد الرشيد الى جبل الجودي لتفقد اثار سفينة نوح، وكانت منطقة باكوردان أو باكرمان الحالية ذات سحر وجمال تلفت الانظار، مغطاة بغابات كثيفة من اشجار البلوط وحبة الخضراء وتقع على ارض مرتفعة تنساب في اطرافها المياه الصافية وتسمى (سيلاف) وتشرف على سهل سلوبي والمجرى المشترك لنهري الخابور وهيزل وتقابل جبل الجودي.
جسر دلال- الجسر العباسي
لا تذكر مدينة زاخو الا ويذكر معها جسرها العتيد الجسر العباسي، او ما يعرف بجسر دلال الذي اعتبره (المقدسي) واحداً من عجائب الدنيا الاربع في ذلك الوقت والتي هي (منارة الاسكندرية- قنطرة سنجة- كنيسة- الرها) ويقع الجسر على بعد خمسة فراسخ من جبل الجودي حيث رست سفينة نبي الله نوح عليه السلام.
عن مجمل تاريخ هذا الجسر والاقوال المتضاربة في تحديد فترة بنائه وعائدية ذلك البناء الضخم الكبير اشارت مخطوطة المؤرخ سعيد الحاج صديق الى ان المؤرخين قد اختلفوا كثيراً في العهد الذي يرجع اليه بناء هذا الجسر الذي يعتبر من ابرز معالم المنطقة حضارياً وتاريخياً، وذلك بسبب خلوه من اية كتابات أو رسومات تدل على تاريخ تشييده.
وقد حدد المهندس الالماني (كونراد برويسر) خلال زيارته لمدينة زاخو في نيسان عام 1909 بان ارتفاع الجسر يبلغ 15.50م وعرضه (4.70)م في حين يبلغ طول الجسر 114 متراً وهو مبلط بقطع الحجر الكبيرة المرصوفة بشكل مدرج، وقد استخدم ملاط الكلس المتين في بناء جدرانه التي تبدو قوية، ويبدو الجسر بأحجاره الذهبية الصفراء عملاً في غاية الاتقان.
وفي تاريخ بناء الجسر يذكر (المائي) بان صاحب زاخو يذكر ان امراء العمادية هم الذين اسسوا هذا الجسر، حيث ان السلطان حسين بك كان اميراً على العمادية فقام ببناء جسر (كليا وجسر زاخو) المعروف بالجسر العباسي فيما يذكر (الديوه جي) ان هذا الجسر روماني شيده الرومان عند استيلائهم على منطقة زاخو، فيما يجمع المائي بين القولين بان الرومان شيدوه وامراء العمادية رمموه.
فيما يذهب المؤرخ محمد امين زكي الى ان اليونان هم الذين اقاموا الجسر في حملتهم بقيادة زينفون عام 401 ق.م اما محفوظ العباسي فيقول ان الاراء قد تضاربت في امر تشييده اذ اشار (همرتين) الى انه روماني وذهب (اسكيف) بالقول الى انه يوناني من صنع (سلوقس) احد قواد الاسكندر المقدوني وارتأى (عواد) انه من الصعب صمود هذا الجسر مدة تزيد على الالفي سنة يقاوم فيها محن الزمان، اما جمال بابان فيصف الجسر بانه معجزة من معجزات البناء بالحجر وانه من المرجح ان يكون قد شيد قبل زمن العباسيين، لا بل قبل الهجرة والميلاد.
فيما يرى بعض المؤرخين ان جسر زاخو يعود الى مجموعة جسور متشابهة أو قريبة الشبه في اعالي الفرات وعلى روافد دجلة استخدم فيها طراز البيزنطي، ومنها جسر (بلد أو ما ترعف بمدينة اسكي موصل) وكذلك جسر الجزيرة، وكذلك (الفارقي) فقد ذكر اسماء سبعة جسور من ضمنها جسر زاخو، وفي المراجع العربية (الجسر العباسي) وهو اسم حديث لا علاقة له بالدولة العباسية، ولكن اكثر الاراء توقعاً هو ان يكون بناء هذا الجسر تم فعلاً اثناء حملة الاسكندر المقدوني عام 331 ق.م.
وكما ان الاراء اختلفت وتضاربت في تحديد فترة بناء الجسر فأن التسميات له ايضاً جاءت متضاربة، فهو كما جاء في ذكر المؤرخين سمي بجسر الحسنية أو جسر دلال أو جسر العباسية أو برامزن أو برابري أو جسر سنجة، ففي العقد الثالث من القرن العشرين سمي بالجسر العباسي بعد ان كان يعرف باسم جسر دلال، وقد اقترنت هذه التسمية باسطورة دلال- التضحية كما تقول الحكاية ان الامير البوتاني الكردي طلب الى احد البنائين اقامة جسر على نهر دجلة في مدينة جزيرة ابن عمر، وبعد اكمال الجسر، كافأه الأمير بقطع يده اليمنى حتى لا يعيد بناء جسر مماثل في مكان آخر، هاجر البناء من مدينته الى زاخو وكانت آنذاك امارة مستقلة بحالها، فطلب منه اميرها اقامة جسر في زاخو يربط ضفتي الخابور، ويكون شبيهاً بجسر مدينة جزيرة ابن عمر، فقبل ذلك تحدياً للامير البوتاني الذي قطع يده.
باشر بالعمل وارتفع بالجسر حتى بلغ القنطرة الوسطى الكبيرة، فكانت تنهار بعد اكمالها عدة مرات، فأصيب البناء باحباط شديد من جراء فشله، فذهب يسأل العرافيين عن حل للمشكلة، حينذاك اشار اليه احدهم بان يقوم بدفن اول من يطأ قدمه الجسر من انسان أو حيوان في هيكل الجسر. في اليوم التالي قدمت كنته (دلال) لاحضار الطعام لعمها يرافقها كلبها، وكان يسبقها متوجهين نحو الجسر، وكان البناء مرتاحاً لوجود الكلب في المقدمة، ولكن ما ان وصلا الجسر حتى تلكأ الكلب وتقدمت دلال لتكون اول من صعدت الى الجسر، وما ان لاحظ عمها ذلك حتى اغمي عليه، وبعد ان فاق وعاد الى وعيه اخبرها القصة، وقال لها اذا اريد للجسر ان يكمل فيجب دفنك في هيكله، فاستجابت دلال للامر برحابة صدر وقالت لعمها اكون سعيدة بتقديم حياتي من اجل رفاه شعبي وان ابقى خالدة في ذاكرتهم طوال العصور، ثم رقدت على هيكل الجسر فيما بدأ عمها باكمال البناء ووضع الحجارة فوقها من حولها.
كان زوجها غائباً عن المدينة، وعند عودته اخبروه بالقصة، فطار صوابه وحمل معولاً وهرع نحو الجسر محاولاً انقاذ زوجته، ولكنها نادته يا زوجي العزيز ان هذه الضربات تؤلمني وتزيد في ايذائي، ولن تنجح في محاولتك وقد عاهدت ان احمل هذا الجسر على سواعدي وسأبقى هنا على مر العصور.
وكانت اثر انتهاء بناء الجسر قد نبتت نبتتان في احدى الفتحات بين الاحجار، وكان الاهالي يعتقدون بانها ضفائر دلال.
وهكذا اكتسب الجسر اسم (دلال) والمدينة (زاخوكا دلال) تخليداً لذكرى تلك المرأة الشجاعة.
في الختام نقول ان مدينة زاخو طيبة بهوائها ومياهها العذبة، وناسها ايضاً اذ على الرغم من وجود اقليات عرقية ودينية تعيش الى جانب الاكثرية المسلمة فقد عاشوا بتوافق واخاء قل نظيره، ولم يسجل أي نزاع على اساس طائفي أو عرقي، بل كانت تسودهم لغة الحوار والتسامح، وقد اثبتوا انهم متميزون في انسانيتهم العالية، وكانوا مثار الاعجاب والتقدير عبر كل الازمنة والعصور.
- سامي ادم البجواياالمؤسس والمدير العام لموقع بجوايي كوم
رد: تاريخ مدينه زاخو الحبيبه
الثلاثاء أغسطس 02, 2011 8:46 pm
شكراً لهذا الموضوع القيم والرائع باركك الرب ياأخي زهير
ولك مني كل التقدير
سامي
ولك مني كل التقدير
سامي
- ادم ريحان كوركيسعضو شرف دائم
رد: تاريخ مدينه زاخو الحبيبه
الثلاثاء أغسطس 09, 2011 9:21 am
تسلم زهير على هذا الموضوع القيم لان زاخو ستظل اجمل واعز مدينة على قلبي
ابو قابيل ... السويد
ابو قابيل ... السويد
- بيدارو العراقالأدارة العامة
رد: تاريخ مدينه زاخو الحبيبه
الخميس سبتمبر 01, 2011 11:21 am
موضوع متميز ,, لكم منا جميل الشكر
وفقكم الرب
وفقكم الرب
- زهير توما البجوايامشرف القسم الرياضي
رد: تاريخ مدينه زاخو الحبيبه
الخميس سبتمبر 01, 2011 11:30 am
شكرا على مروركم الجميل ؟ وهذة شهادة افتخربه
- مروان دميانوسمشرف منتدى الفنون الجميلة
رد: تاريخ مدينه زاخو الحبيبه
الأحد سبتمبر 11, 2011 4:09 am
شكرا على المعلومات على هذه القرية
ولو زوجتي من زاخو بس محاجيتلي عليها
تمنياتي بل موفقية
ولو زوجتي من زاخو بس محاجيتلي عليها
تمنياتي بل موفقية
- مدينه الرياضيه وملاعب كرة القدم التي سوف تكتمل بنائها في مدينه البصرة العراقيه
- حكومه اقليم كرستان هي وراء التخريب الذي حصل في زاخو ودهوك بعد تصريح مسؤول مركز الإتحاد الإسلامي الكردستاني في زاخو نصر الدين سعي
- لقاء قمه في دربي انكليزي في مدينه منجستر بين مان يونايتد ومان سيتي
- تاريخ بغداد ..من هولاكو
- تحقيقات احداث زاخو
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى