الصوم

الصوم يعني الأمتناع عن تناول الأطعمة بشكل اعتيادي وروتيني , وذلك من خلال جزء من النهار او كله , أي تناول وجبة واحدة خلال يوم كامل , ويمكن ان يكون قطعياً اي من كل انواع الأطعمة او شكلياً مثلاً من اللحم فقط

فالصوم هو التفرغ لله والأرتباط به , وهذا يتطلب الأبتعاد عن الأهتمام بالذات ونسيان حاجاتنا الأنسانية الخاصة حتى الأسمى والأكثر ضرورة مثل قوت الحياة الأرضية , لأن الحياة مع الله هي الأهم , وفي العهد الجديد ذكر ان يسوع صام اربعون يوما واربعون ليلة , وطلب الرسل من المسيحيين ان يصوموا يومين في الأسبوع .. الأربعاء يوم مؤامرة الكهنة ضد يسوع وخيانة يهوذا بالأتفاق معهم لتسليمه ويوم الجمعة لذكرى آلآم المسيح والأقتداء به حسب كتاب تعليم الرسل , فالصوم هو الأمتناع عن الطعام , والهدف من ذلك ان الصوم قائم على الأهتمام بلقاء الله مباشرة , ولأجل الأختلاء الكلي معه . فالصوم هو التقرب الفعلي للمؤمن واختلائه بالله والأصغاء الى تعاليمه والى كلامه ومطالبه , والأمتناع عن متطلبات وشهوات الجسد وهذا يرفع من شأن المؤمن . اذاً الصوم هو الفرصة للتوبة والتقرب من الله وتجديد الروح والنفس والجسد ايضاً , والصوم يخرجنا عن ذواتنا لنكون اكثر قرباً من الآخرين , فنشعر بهم ونقدر حاجاتهم ونخدمهم فيها . فهو فرصة لنحيا الحب مع الله ومع الإنسان ,حتى نعيش انسانيتنا بشكل أعمق واقوى لنعيش صورة الله فينا ولايكن يهمنا الأكل واللبس , بل ملكوت الله وبره , لذلك تزداد علاقتنا بالله اكثر بالصوم والصلاة وعلاقتنا بالإنسان اكثر بالصدقة

في الصوم ايضاً وكما يذكر لنا الكتاب المقدس هو الأمتناع عن العلاقات الزوجية يوئيل 2 : 16 حيث يتضمن استرحام الأله , والصوم ايضا هو تعبيراً عن اتضاعنا امام الله , واعترافنا الكامل بأن الله هو السيد المطلق وهو مصدر حياة الإنسان قبل الخبز الذي يجود به الله علينا , " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله متى 4 : 4 , فالصوم هو ايضاً التبرؤ من الرياء والنفاق الى صدق الإخلاص وخالص الصفاء والبحث عن وجه الله الذي يرى في الخفاء , " اذا صمتم فلا تعبسوا كالمرائيين متى 6 \ 16 : 18

اننا نصوم وذلك لأن الصوم هو شريعة الهية , حيث الوصية الأولى في الكتاب المقدس " واما من شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكلا منها , فإنكما يوم تأكلا منها موتاً تموتا , لذلك الصوم شكل من اشكال التوبة الذي يعبر عن الأرتداد في علاقة الانسان مع الذات والله والآخرين ,

الحكمة من الصوم

لقد عبر عن هذا آبائنا القديسين بقولهم ان الصيام الأربعيني الكبير ( صوم الخمسين يعني ) أنه كتأدية العشر لله ( في الواقع اربعون يوماً عشر 365 يوماً في السنة ) , والوصية تقول أوف البركة أي العشر , وطبعاً يضاف اليه صوم الميلاد وصوم الرسل وصوم السيدة

لكل كنيسة صومها الخاص وطريقتها الخاصة بالصيام , والصوم يقوم في جوهره على عدم الأهتمام بالأكل والأقتناع بالموجود والأهتمام بنوع خاص بالتخلص من العادات السيئة في قترة الصوم , أما في جوهره الروحي يبقى الصوم في كل الكنائس رمزاً وطريقاً نحو القداسة , اي الصيام عن الشر والتخلص منه وعدم الأنشغال بالذات بل الأنصات الى كلمة الله متى 4 : 4

متى نصوم ... هذا تحدده كل كنيسة حسب أوامرها وتطلقه في تقاومها

كيف نصوم ... هذا ايضا كل كنيسة تحدده .

بقي شىء آخر .. من حق كل مؤمن ان يصوم حسب رغبته للصوم يعني مثلا عندما تقول كنيستي يوم الجمعة صوم عن اللحم فقط اي ان لاآكل لحم , لكن استطيع للتضحية ان اضيف ان في يوم الجمعة استطيع ان لاأدخن النهار كله مع صومي عن اللحم .. هذه هي تضحية اكبر بكثير من الصوم عن اللحم فقط , او مثال آخر .. في صوم الخمسين توصينا الكنيسة بالصوم الأسبوع الأول والأسبوع الوسطي والأسبوع الأخير اذاً ماذا بقي من الصوم .. الأيام الباقية أعمل على صيامها مع باقي الأيام الباقية هذا هي , انا اقرر ,,وانا اصوم واضيف ماأريد وأضحي للتوبة ولغفران خطايانا , اذا أقول ان الصوم هو أمساك عن الطعام والشراب , وأمساك اللسان من نطق الكلام الغير لائق , وأمساك العين من النظرة الخبيثة , والأمساك بحد ذاته هو انضباط كامل للنفس والجسد

وأخيراً ان الصوم هو فترة تنظيف , وغسل , وتجديد للنفس والروح والجسد , وهو اخصاء لرغبات هذه الدنيا والتحرر من الملذات المذنبة

فهو الطهارة , وهو النور , وهو يقظة العقل والقلب