- زهير توما البجوايامشرف القسم الرياضي
بول بريمر وليبيا والعراق والديمقراطية وأشياء أخرى ؟ بقلم إبراهيم الزبيدي
الأحد أكتوبر 30, 2011 1:01 pm
مقدما، علي أن أذكركم بهذا الرجل الذي أسس لخراب البصرة وبغداد والموصل وكركوك وأربيل. فهو الذي تولى تنفيذ الأوامر والرغبات والأمزجة المتعلقة بملف (الحالة العراقية) لدى إدارة جورج بوش الإبن، وهي الأغبى والأكثر سطحية وضحالة بين الإدارات الأمريكية، على الإطلاق، بإجماع الأمريكان وليس العراقيين.
هذا الرجل حين كلفه الرئيس بالتوجه لقيادة قوات التحالف الدولي في العراق لم يكن لديه أدنى شك في أنه ذاهب إلى صحراء قاحلة خالية من الرجال ومن النساء أيضا، وهي قطعة أرض مليئة بالأفاعي والعقارب التي تسرح وتمرح في كثبان رمالها المتنقلة.
لم يكن يعرف من العراقيين الصالحين لوراثة ديكتاتورية صدام الدموية الفاسدة سوى أحمد الجلبي وأياد علاوي ومحمد بحر العلوم وعبد العزيز الحكيم وموفق الربيعي وابراهيم الجعفري وجلال الطالباني ومسعود البرزاني وغازي الياور وعدنان الباجه جي. وهو يعرف أن فيهم الحرامي والإنتهازي والمختلس والمصدق بأنه زعيم وقائد ورجل دولة ، وعلى العراقيين أن ينقادوا له دون إباء ولا كرامة، مهما استغل ومهما نافق وكذب على نفسه وعلى الله، وأن فيهم البريء حسن النية، وهم نفر قليل الحيلة وسط شلة من الشطار الفطاحل الكبار.
بريمر هذا جاء إلى العراق وهو يعتقد بأن الشعب العراقي شعوب وقبائل متحاربة متطاحنة لا سلام بين أهلها ولا أمان. وأن هذا العراق قطعة قماش رخيصة يمكن أن يطلق فيها مقصه الذهبي الصقيل فيقطع منها خرقة يرميها لشيعته، وخرقة لكرده، وخرقة لسنته، والعياذ بالله.
وبريمر هذا جاء إلى العراق وهو مصدق أنه يفهم العراق، ويجيد مخاطبة العراقيين، ويعرف عنهم أكثر مما يعرفونه عن أنفسهم، ويتقن استنباط نواياهم أكثر من أنفسهم، وأنه موكل ببناء دولة عراقية منفصلة تماما عن ماضيها الطويل، ولا صلة لها بعلاقات متشابكة بين أهلها السابقين، ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا ومزاجيا وأُسريا أيضا.
جاء مصدقا بما ثقفه به الشطار السبعة الكبار حين أوهموه بأن العراقيين ثلاثة دول، لا يجمع بينها جامع، ولا يؤلف بينها مؤلف، شيعة وكرد وسنة. وأن الشيعة جميعهم ضحايا صدام، وليس بينهم ضابط ولا قائد ولا مسؤول كبير ولا عضو في حزب البعث (المنحل)، والأكراد جميعا أيضا ودون استثناء، مناضلون ضد ديكتاتورية صدام، ومقاتلون في سبيل الحرية والديمقراطية، وليس بينهم ولو كردي واحد من جماعة صدام، ومن مقاتليه الأشداء الذين أذاقوا أهلهم مر العذاب، لإرضاء الطاغية والتمتع بعطاياه المجزية، وأن جميع السنة العراقيين جنودٌ لصدام وجواسيس لمخابراته وحرسه وفدائييه، وليس بينهم ولو سني واحد شريف قال لا لديكتاتوريته الفاجرة، ثم قاتل نظامه بشهامة وشجاعة، فراح شهيدا أو مُغيبا أو هاربا في بقاع الله الواسعة.
وبريمر هذا الذي أظن أن أحدا قرأ له أو لخص له تاريخ المس بيل ودورها في تأسيس الدولة العراقية السابقة، جاء إلى العراق متقمصا شخصها وعازما على أن يقوم بنفس دورها في العراق، ناسيا أنها زرعت نفسها بين العراقيين، من تحت، ثم صعدت، رويدا رويدا، إلى فوق، وأنها لم تكن بنفس جهله بالعراق، ولا بنفس عجزه عن قراءة الواقع العراقي المعقد المخيف. كما أن هناك فرقا كبيرا آخر. فعلى أيام المس بيل لم تكن نفوس العراقيين تزيد عن بضعة ملايين، تسعة ٌ وتسعون بالمئة منهم أميون لم يتعلموا القراءة والكتابة. أما عراق بريمر فمختلف ومعقد إلى حد كبير. فقد تجاوز عدد نفوس سكانه خمسة وعشرين مليونا أو يزيد، وصار منهم خبراء وعلماء ونابغون بارزون في العلوم والاقتصاد والثقافة والسياسة، بل من العراقيين من يضع بريمر وكثيرين من أمثاله الطارئين عليه في جيبه الصغير، علما ودراية وثقافة ولياقة.
وبريمر هذا الذي لم يكن يعرف العراق ولا العراقيين قبل أن يهبط على أرض مطار بغداد ، لم يستطع أن يفهم العراق والعراقيين، طيلة العام الذي قضاه في السلطة المطلقة، وإلى أن غادرها لآخر مرة في حياته. لذلك وبسبب ذلك منح من لا يستحق ما لا يستحق، فوضع دماء العراقيين وأموالهم وكراماتهم ومصير دولتهم في أيدي شلة من السياسيين المحترفين الباحثين عن الكسب السريع والزعامة العاجلة الفارغة، وقد شخصهم، واحدا واحدا، في كتاب مذكراته الشهير.
ومن أول يوم له في العراق كان بول بريمر وقادة عساكره المجحفلة يرون هذا القائد الحرامي وهو يسطو على بنك، أو ذلك الانتهازي وهو يحتل بناية من بنايات الدولة أو قصرا من قصور لصوص النظام السابق، أو ذلك العميل لهذه الدولة المجاورة أو تلك، وهو يؤسس المليشيات، ويستورد المقاتلين والسلاح والذخيرة والمدربين، فيطنشون، لا يسمعون ولا يرون ولا يتكلمون.
وبريمر هذا الذي أسس لخرافة المحاصصة الطائفية والعنصرية والمناطقية، وليس على أساس الكفاءة والخبرة والنزاهة، وضع العراق وأهله على طريق العذاب الطويل الذي يصعب الخروج منه في عشرات السنين، ينهض اليوم فجأة من فراشه الوثير بعد سبات سنين ليدلي بدلوه في المسألة الليبية، وينصح الليبيين بأن يأخذوا عنه ما أنجزه في العراق الحزين .
واسمحوا لي أن أقرأ لكم بعضا من مقال بائس نشرته له واشنطن بوست وجريدة الشرق الأوسط في 24-10-2011:
" جاءت وفاة الديكتاتور(القذافي) بعد ثمانية أشهر من بدء العمليات العسكرية هناك، وهي نفس المدة الزمنية التي قضيناها في تعقب صدام حسين، بعد تحرير القوات الأميركية لبغداد في عام 2003. وعندما أخبرنا رئيس محطة المخابرات المركزية في الساعة الثانية يوم 13 ديسمبر (كانون الأول) عام 2003 بأن قواتنا أسرت صدام حسين علمت بأننا حققنا خطوة مهمة".
" يمكن لاعتقال أو موت الديكتاتور أن يساعد على إسدال الستار على فترة طويلة من الطغيان، لكن تعزيز مثل هذا التغيير السياسي الهائل لم يكن سهلا في العراق، ولن يكون سهلا في ليبيا".
" يجب أن يوفر شخص ما الأمن. فبعد رحيل ديكتاتور، يكون ضمان الأمن للسكان هو الوظيفة الأهم لدى أي حكومة. وفي العراق كان لاعتقال صدام حسين نتيجتان إيجابيتان فوريتان؛ ففي غضون أسبوعين، تلقيت أنا وموظفو مكتبي - بشكل مباشر وكذلك من خلال قنوات الأمم المتحدة - إشارات إلى أن بعض أفراد المقاومة يلمحون إلى رغبتهم في وقف تمردهم" .
" لكن القبض على الديكتاتور لم يحل المشاكل الأمنية في العراق، وسرعان ما تلاشى الأثر الإيجابي لاعتقاله من قبل انتفاضة سنية كبيرة في محافظة الأنبار وهجمات شيعية متزامنة على ثلاث عواصم محافظات في جنوب العراق".
" في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة تفتقر إلى استراتيجية مناسبة وقوات كافية لكي تواجه هذه التحديات بفاعلية".
" وهو الوضع الذي تم تصحيحه في نهاية المطاف من خلال زيادة الرئيس الأميركي جورج بوش الشجاعة لأعداد القوات في عام 2007".
" هناك في ليبيا ما يدعو للقلق بشأن الوضع الأمني"
" يجب وضع نظام سياسي جديد بسرعة. وهذا لا يتطلب نزع سلاح جميع المقاتلين فقط، بل خطة لوضع إطار عمل سياسي يمكن من خلالها بناء شكل حكومي".
" وقد حصل العراقيون على هذا المطلب سريعا، ففي الأول من مارس (آذار) 2004، أي أقل من عام بعد تحرير بغداد، وافق العراق على دستور عصري، كان أكثرها تقدما في منطقة الشرق الأوسط، حيث يوفر حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحرية المعتقد وحرية الصحافة والحريات الأخرى الكثيرة."
ألم أقل لكم إنه مسكون بوهم العظمة والنجاح والخلود؟ وألم أقل لكم أيضا إنه يظن بأنه بنى دولة حقيقية تعوض العراقين عن عذاب أربعين سنة من ديكتاتورية البعث وصدام حسين، وأنه أقام العدل وأمَّن الوطن بأيدٍ أمينة، وأن المشاكل التي قد تعترض حياة دولته العراقية المزدهرة الآمنة هي مشاكل عرضية تافهة لا قيمة لها في موازين الدول والشعوب؟.
هاهو العراق، بعد تسع سنين من ديمقراطية بريمر العظيم، دولة فاشلة، أمنها مُخترق، ومالها ُمنتهب، وحالها عدم في عدم.
فبعد كل هذه السنين ما زال العراق بدون كهرباء ولا ماء ولا دواء ولا هواء، وقادته الميامين يتباوسون صباحا، ويتقاتلون بالخناجر والكواتم، ليلا، ثم يعودون في صباح جديد، فيتباوسون من جديد.
هذا ينادي بحرية البعثيين، وذاك ينادي بذبحهم، ولا هذا صادق في دفاعه عن البعثيين ولا ذاك صادق في عدائه لحزب البعث وللبعثيين.
وكما كان البعثيون يفعلون بخصومهم، من حين إلى حين، فيلمون المئات والألوف من المواطنين ويزجزن بهم في المعتقلات والسجون، باعتبارهم حزب دعوة، وبحجة اكتشاف مؤامرة لقلب النظام، ها هو نوري المالكي يفعل الشيء نفسه، وهو يعلم علم اليقين بأن فزاعة حزب البعث لم تعد تخيف ولا تقنع الصغير ولا الكبير. فحزب البعث انتهى وانتهت أيامه إلى غير رجعة. وكل هذه المناكفات والمشاكسات والألاعيب البائسة ليست سوى معارك من أجل ضمان البقاء وتغيير النصيب وتحسين المواقع بين أقطاب المحاصصة الفاشلة. إنها واحدة من صفحات الصراع المتتابعة بين الشركاء على المناصب والمكاسب والرواتب، والله المعين.
هذه هي دولة بول بريمر التي أفاق أخيرا وتكرم فنصح باستنساخها في ليبيا، مع سبق الإصرار والترصد.
لا أدري ما الذي أخرجه من فراشه الوثير بعد كل هذه السنين، ليُذكرنا بما مضى، ويوقظ فينا المواجع، فنلعن الزمن الذي جاء به إلى هذا الوطن العزيز؟!.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هذا الرجل حين كلفه الرئيس بالتوجه لقيادة قوات التحالف الدولي في العراق لم يكن لديه أدنى شك في أنه ذاهب إلى صحراء قاحلة خالية من الرجال ومن النساء أيضا، وهي قطعة أرض مليئة بالأفاعي والعقارب التي تسرح وتمرح في كثبان رمالها المتنقلة.
لم يكن يعرف من العراقيين الصالحين لوراثة ديكتاتورية صدام الدموية الفاسدة سوى أحمد الجلبي وأياد علاوي ومحمد بحر العلوم وعبد العزيز الحكيم وموفق الربيعي وابراهيم الجعفري وجلال الطالباني ومسعود البرزاني وغازي الياور وعدنان الباجه جي. وهو يعرف أن فيهم الحرامي والإنتهازي والمختلس والمصدق بأنه زعيم وقائد ورجل دولة ، وعلى العراقيين أن ينقادوا له دون إباء ولا كرامة، مهما استغل ومهما نافق وكذب على نفسه وعلى الله، وأن فيهم البريء حسن النية، وهم نفر قليل الحيلة وسط شلة من الشطار الفطاحل الكبار.
بريمر هذا جاء إلى العراق وهو يعتقد بأن الشعب العراقي شعوب وقبائل متحاربة متطاحنة لا سلام بين أهلها ولا أمان. وأن هذا العراق قطعة قماش رخيصة يمكن أن يطلق فيها مقصه الذهبي الصقيل فيقطع منها خرقة يرميها لشيعته، وخرقة لكرده، وخرقة لسنته، والعياذ بالله.
وبريمر هذا جاء إلى العراق وهو مصدق أنه يفهم العراق، ويجيد مخاطبة العراقيين، ويعرف عنهم أكثر مما يعرفونه عن أنفسهم، ويتقن استنباط نواياهم أكثر من أنفسهم، وأنه موكل ببناء دولة عراقية منفصلة تماما عن ماضيها الطويل، ولا صلة لها بعلاقات متشابكة بين أهلها السابقين، ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا ومزاجيا وأُسريا أيضا.
جاء مصدقا بما ثقفه به الشطار السبعة الكبار حين أوهموه بأن العراقيين ثلاثة دول، لا يجمع بينها جامع، ولا يؤلف بينها مؤلف، شيعة وكرد وسنة. وأن الشيعة جميعهم ضحايا صدام، وليس بينهم ضابط ولا قائد ولا مسؤول كبير ولا عضو في حزب البعث (المنحل)، والأكراد جميعا أيضا ودون استثناء، مناضلون ضد ديكتاتورية صدام، ومقاتلون في سبيل الحرية والديمقراطية، وليس بينهم ولو كردي واحد من جماعة صدام، ومن مقاتليه الأشداء الذين أذاقوا أهلهم مر العذاب، لإرضاء الطاغية والتمتع بعطاياه المجزية، وأن جميع السنة العراقيين جنودٌ لصدام وجواسيس لمخابراته وحرسه وفدائييه، وليس بينهم ولو سني واحد شريف قال لا لديكتاتوريته الفاجرة، ثم قاتل نظامه بشهامة وشجاعة، فراح شهيدا أو مُغيبا أو هاربا في بقاع الله الواسعة.
وبريمر هذا الذي أظن أن أحدا قرأ له أو لخص له تاريخ المس بيل ودورها في تأسيس الدولة العراقية السابقة، جاء إلى العراق متقمصا شخصها وعازما على أن يقوم بنفس دورها في العراق، ناسيا أنها زرعت نفسها بين العراقيين، من تحت، ثم صعدت، رويدا رويدا، إلى فوق، وأنها لم تكن بنفس جهله بالعراق، ولا بنفس عجزه عن قراءة الواقع العراقي المعقد المخيف. كما أن هناك فرقا كبيرا آخر. فعلى أيام المس بيل لم تكن نفوس العراقيين تزيد عن بضعة ملايين، تسعة ٌ وتسعون بالمئة منهم أميون لم يتعلموا القراءة والكتابة. أما عراق بريمر فمختلف ومعقد إلى حد كبير. فقد تجاوز عدد نفوس سكانه خمسة وعشرين مليونا أو يزيد، وصار منهم خبراء وعلماء ونابغون بارزون في العلوم والاقتصاد والثقافة والسياسة، بل من العراقيين من يضع بريمر وكثيرين من أمثاله الطارئين عليه في جيبه الصغير، علما ودراية وثقافة ولياقة.
وبريمر هذا الذي لم يكن يعرف العراق ولا العراقيين قبل أن يهبط على أرض مطار بغداد ، لم يستطع أن يفهم العراق والعراقيين، طيلة العام الذي قضاه في السلطة المطلقة، وإلى أن غادرها لآخر مرة في حياته. لذلك وبسبب ذلك منح من لا يستحق ما لا يستحق، فوضع دماء العراقيين وأموالهم وكراماتهم ومصير دولتهم في أيدي شلة من السياسيين المحترفين الباحثين عن الكسب السريع والزعامة العاجلة الفارغة، وقد شخصهم، واحدا واحدا، في كتاب مذكراته الشهير.
ومن أول يوم له في العراق كان بول بريمر وقادة عساكره المجحفلة يرون هذا القائد الحرامي وهو يسطو على بنك، أو ذلك الانتهازي وهو يحتل بناية من بنايات الدولة أو قصرا من قصور لصوص النظام السابق، أو ذلك العميل لهذه الدولة المجاورة أو تلك، وهو يؤسس المليشيات، ويستورد المقاتلين والسلاح والذخيرة والمدربين، فيطنشون، لا يسمعون ولا يرون ولا يتكلمون.
وبريمر هذا الذي أسس لخرافة المحاصصة الطائفية والعنصرية والمناطقية، وليس على أساس الكفاءة والخبرة والنزاهة، وضع العراق وأهله على طريق العذاب الطويل الذي يصعب الخروج منه في عشرات السنين، ينهض اليوم فجأة من فراشه الوثير بعد سبات سنين ليدلي بدلوه في المسألة الليبية، وينصح الليبيين بأن يأخذوا عنه ما أنجزه في العراق الحزين .
واسمحوا لي أن أقرأ لكم بعضا من مقال بائس نشرته له واشنطن بوست وجريدة الشرق الأوسط في 24-10-2011:
" جاءت وفاة الديكتاتور(القذافي) بعد ثمانية أشهر من بدء العمليات العسكرية هناك، وهي نفس المدة الزمنية التي قضيناها في تعقب صدام حسين، بعد تحرير القوات الأميركية لبغداد في عام 2003. وعندما أخبرنا رئيس محطة المخابرات المركزية في الساعة الثانية يوم 13 ديسمبر (كانون الأول) عام 2003 بأن قواتنا أسرت صدام حسين علمت بأننا حققنا خطوة مهمة".
" يمكن لاعتقال أو موت الديكتاتور أن يساعد على إسدال الستار على فترة طويلة من الطغيان، لكن تعزيز مثل هذا التغيير السياسي الهائل لم يكن سهلا في العراق، ولن يكون سهلا في ليبيا".
" يجب أن يوفر شخص ما الأمن. فبعد رحيل ديكتاتور، يكون ضمان الأمن للسكان هو الوظيفة الأهم لدى أي حكومة. وفي العراق كان لاعتقال صدام حسين نتيجتان إيجابيتان فوريتان؛ ففي غضون أسبوعين، تلقيت أنا وموظفو مكتبي - بشكل مباشر وكذلك من خلال قنوات الأمم المتحدة - إشارات إلى أن بعض أفراد المقاومة يلمحون إلى رغبتهم في وقف تمردهم" .
" لكن القبض على الديكتاتور لم يحل المشاكل الأمنية في العراق، وسرعان ما تلاشى الأثر الإيجابي لاعتقاله من قبل انتفاضة سنية كبيرة في محافظة الأنبار وهجمات شيعية متزامنة على ثلاث عواصم محافظات في جنوب العراق".
" في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة تفتقر إلى استراتيجية مناسبة وقوات كافية لكي تواجه هذه التحديات بفاعلية".
" وهو الوضع الذي تم تصحيحه في نهاية المطاف من خلال زيادة الرئيس الأميركي جورج بوش الشجاعة لأعداد القوات في عام 2007".
" هناك في ليبيا ما يدعو للقلق بشأن الوضع الأمني"
" يجب وضع نظام سياسي جديد بسرعة. وهذا لا يتطلب نزع سلاح جميع المقاتلين فقط، بل خطة لوضع إطار عمل سياسي يمكن من خلالها بناء شكل حكومي".
" وقد حصل العراقيون على هذا المطلب سريعا، ففي الأول من مارس (آذار) 2004، أي أقل من عام بعد تحرير بغداد، وافق العراق على دستور عصري، كان أكثرها تقدما في منطقة الشرق الأوسط، حيث يوفر حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحرية المعتقد وحرية الصحافة والحريات الأخرى الكثيرة."
ألم أقل لكم إنه مسكون بوهم العظمة والنجاح والخلود؟ وألم أقل لكم أيضا إنه يظن بأنه بنى دولة حقيقية تعوض العراقين عن عذاب أربعين سنة من ديكتاتورية البعث وصدام حسين، وأنه أقام العدل وأمَّن الوطن بأيدٍ أمينة، وأن المشاكل التي قد تعترض حياة دولته العراقية المزدهرة الآمنة هي مشاكل عرضية تافهة لا قيمة لها في موازين الدول والشعوب؟.
هاهو العراق، بعد تسع سنين من ديمقراطية بريمر العظيم، دولة فاشلة، أمنها مُخترق، ومالها ُمنتهب، وحالها عدم في عدم.
فبعد كل هذه السنين ما زال العراق بدون كهرباء ولا ماء ولا دواء ولا هواء، وقادته الميامين يتباوسون صباحا، ويتقاتلون بالخناجر والكواتم، ليلا، ثم يعودون في صباح جديد، فيتباوسون من جديد.
هذا ينادي بحرية البعثيين، وذاك ينادي بذبحهم، ولا هذا صادق في دفاعه عن البعثيين ولا ذاك صادق في عدائه لحزب البعث وللبعثيين.
وكما كان البعثيون يفعلون بخصومهم، من حين إلى حين، فيلمون المئات والألوف من المواطنين ويزجزن بهم في المعتقلات والسجون، باعتبارهم حزب دعوة، وبحجة اكتشاف مؤامرة لقلب النظام، ها هو نوري المالكي يفعل الشيء نفسه، وهو يعلم علم اليقين بأن فزاعة حزب البعث لم تعد تخيف ولا تقنع الصغير ولا الكبير. فحزب البعث انتهى وانتهت أيامه إلى غير رجعة. وكل هذه المناكفات والمشاكسات والألاعيب البائسة ليست سوى معارك من أجل ضمان البقاء وتغيير النصيب وتحسين المواقع بين أقطاب المحاصصة الفاشلة. إنها واحدة من صفحات الصراع المتتابعة بين الشركاء على المناصب والمكاسب والرواتب، والله المعين.
هذه هي دولة بول بريمر التي أفاق أخيرا وتكرم فنصح باستنساخها في ليبيا، مع سبق الإصرار والترصد.
لا أدري ما الذي أخرجه من فراشه الوثير بعد كل هذه السنين، ليُذكرنا بما مضى، ويوقظ فينا المواجع، فنلعن الزمن الذي جاء به إلى هذا الوطن العزيز؟!.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
- بولص شمعون الشماسمشرفة منتدى العائلة
رد: بول بريمر وليبيا والعراق والديمقراطية وأشياء أخرى ؟ بقلم إبراهيم الزبيدي
السبت يناير 21, 2012 5:22 am
اخبار سياسية رائعة ولها مدلول سياسي عاشت ايدك يا اخ زهير
- ادم ريحان كوركيسعضو شرف دائم
رد: بول بريمر وليبيا والعراق والديمقراطية وأشياء أخرى ؟ بقلم إبراهيم الزبيدي
السبت يناير 21, 2012 10:16 pm
الايام كفيلة بكشف اسرار اخرى
ومن كنا نعتبره موسى يصبح فرعون
عاشت ايدك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى